الأحـــــــــلام
د / مصـطـفـــى مـحـمــــــود
الأحــــــلام
النفس البشرية لا تفقد شيئا من مضمونها فكل احساس
وكل تجربة وكل عاطفة وكل خبرة مهما كانت صغيرة وضئيلة لا تفنى لأنها غير قابلة
للإندثار ولكنها تتراكم فى العقل الباطن لتعود مرة أخرى للظهور فى زلة لسان أو
نوبة غضب أو حلم غريب ويرى برجسون أننا فى الحقيقة لا ننام ولكن حواسنا تسترخى
فنظل نرى ونسمع أثناء النوم ولكن مرئياتنا وأحاسيسنا تأتى باهته أى أن الجسم لا
ينام ولكنه يظل مثل المدينة المفتوحة والفرق بين الحلم واليقظة هو درجة الدقة
واليقين وأيضاً الزمان والمكان .
الـــدائـــرة
الــمــغـــلــــقــة
نظرية الأحلام عند فرويد هى بعث للرغبات الحرام الدفونة فى النفس من أيام
الطفولة وهى قضاء للحاجات التى حرمنا منها بحكم الدين والأخلاق والآداب الإجتماعية
كما أنها تحقيق لما لا يمكننا تحقيقة فى الواقع وما لا يليق أن نفكر فيه فى يقظتنا
ونحن بكامل وعينا وكما هو الأمر فى الأحلام يرى فرويد أن الأعراض العصبية هى
محاولة للتنفيس عن رغبة مكبوته وليس شرطاً أن تكون نائماً ليقوم العق الباطن
بالتنفيس عن رغباته وإنما هو يعمل فى اليقظه أيضاً فكل زلة لسان إنما هى تكشف عن
رغبة باطنة تحاول اخفاءها .
غــــول اســـــمه الـــواقـــع النوم قد يكون
وسيلة للهروب من الواقع فهو الدواء الذى يتعاطاه مرضى الأعصاب ذلك لأن الواقع
دائما معقد وثقيل فمن المستحيل ارضاء الجميع فى وقت واحد أو تحقيق السعادة للجميع
فى وقت واحد فما يسعد شخص قد يبكى شخصاً آخركما أن الواقع له صفة الاقتحام فهو لا
ينتظرنا أن نرحب به أو نرفضة وإنما هو دائماً يفرض علينا وجوده ويعتبر النوم هو
السد العالى الذى يرتفع أمام الواقع والحلم قد يكون انفصال عن الواقع ولكنه اتصال
بعالم آخر فوق الواقع وهو عالم الغيب والأحلام هى الحكمة التى يبثها فينا عالم
الغيب وبينما يرى فرويد أن الحلم هو عودة للماضى والطفولة يرى كارل ج. يونج أن
الحلم اشارة للمستقبل وإلهام من الملأ الأعلى ويرى اريك فروم أن الحلم هو تفكير
شامل للماضى والمستقبل فهو أحيانا يمتاز بالصفاء لانه يخلو من تشويش الواقع لذلك
تأتى بعض تنبؤاته صادقة فالأحلام تستخدم كل الرموز الممكنه ولا تعتمد على رموز
معينة وأحسن من يفك هذه الرموز هو صاحب الحلم نفسه لأنه هو الذى وضعها .
اكــتــشـــــــاف الحلم
ليس هذياناً وإنما هو خبرة العقل الباطن وبصيرته فأحياناً لا يستطيع الإنسان أن
يفسر فى يقظته ووعيه ما يبثه عقله الباطن فى الحلم حتى القصص والمسرحيات التى
يكتبها كبار الكتاب هى فى الحقيقه مثل الأحلام نتاج لما يدور فى العقل الباطن
والعقل الباطن ليس مجرد مولد للأحلام ولكنه أشبه بمحطة توليد كهربائية لكل النشاط
البشرى فى النوم واليقظة وهو القوة الخفية التى تشكل الوعى واللاوعى .
الــحــلـــم الـــذى رأيــتــــه يروى
الكاتب أنه رأى ثلاث أحلام فى ثلاث ليالِ متتالية تكاد تكون مفزعه ففى الحلم الأول
يذهب لرؤية سيدنا الحسين وفى الحلم الثانى يطلبه سلامه موسى للعمل فى مجلة مسائية
وفى الحلم الثالث يرى نفسه فى مساحه خضراء يقرأ كتاب به صفحات لإبراهيم ناجى
يناقشه فى قصه كتبها ويرى الكاتب أنه من خلال ثلاث أحلام فى ثلاث ليالِ متتالية مع
ثلاث سفراء من عالم الموتى انه قد يكون إشارة على اقتراب ساعته وقد يكون انشغاله
بفكرة الموت بسبب وفاة صديقه المفاجئ أدى إلى اصطدام عقله الباطن مما أدى الى
شعوره بالخوف من الموت وقد يكون تفسير هذه الأحلام هى الرغبه فى الزواج مع خوف
باطنى شديد من الإقدام على هذه الخطوة وأنها بالنسبه له كالإقدام على الموت وهذا
يدل على أن النظريات التقليدية فى تفسير الأحلام غير كافيه لأن الحلم فى النهاية هو
حادث شخصى وأن صاحب الحلم هو الذى يضع نظريته ورموزه كما انه هو الذى يمتلك مفتاح
هذه الرموز فلا توجد نظريه عامه لتفسير الأحلام والنظريات الموجودة هى مجرد
ارشادات واقتراحات وعلى كل شخص أن يكتشف نظريته فى نفسه .
حــقــيــقـــــــة الــحــــب الطريق إلى اللذة فى الحب هو الإندماج ومعايشة التجربة بخسائرها ومكاسبها
فى حين أن رجل العلم قد يضحى بمتعة الشعور فى سبيل متعة المعرفة لذلك هو مستريح
على الدوام هادئ الأعصاب لذلك فإن الشعور بالحب شئ بينما حقيقته شئ آخر فعندما
نبحث عن حقيقة الحب نصطدم بالواقع فالعلاقات تكاد تكون مشوهه يكسوها الغرور
والأنانية والعقد النفسية إن الحب الحقيقى هو إحساس داخلى ينمو بطريقة تلقائية هو
إحساس بالفرح والسعادة والإرتياح لمجرد التلاقى دون الحاجه إلى كلام يعطى فيه كل
حبيب من نفسه لحبيبه دون أن يدرى أنه يعطى ويأخذ فى التضحية دون أن يدرى أنه يضحى
يهتم كل منهما بالآخر يحمل همه ويفرح لفرحه وكل منهما لا يطلب شيئاً من الآخر إنه
يعطى ولا يطلب ويريد أن يرى حبيبه كما هو لا أكثر ومع الحبيب لا حاجه للكذب
والتمثيل فهو يشعر بالأمان إلى جواره يكتفى به عن كل الناس وفى الحب الحقيقى
الإخلاص لا يتم بإتفاق أو تعاقد وإنما يتم من تلقاء نفسه حيث يمتلئ كل منهما
بالآخر فلا يجد فى نفسه مكان لحب ثان إنه ينام ويصحو ليكتشف أنه مخلص فهذا هو الحب
الصحيح ولكى نحصل عليه يجب أن نتغير ونغسل انفسنا من سموم ورواسب المجتمع وفى الحب
يكون هدف الفتاه هو الزواج بمن تحب وفى نفس الوقت هى تخاف أن تفقد رجلها الأمر
الذى يؤدى بها إلى الكذب والتمثيل فإذا كان على الفتاة أن تختار بين حب فاشل وزواج
فاشل فإن الحب الفاشل أرحم بكثير لأن مغامرة الزواج الفاشل بلا حب لا تستحق حتى
مجرد التفكير فيها فالزواج الفاشل يجر وراءه أسباب مضاعفه للفشل والتعاسه أما الحب
الفاشل لا يسبب سوى تعب نفسى لا يلبث أن يزول مع الوقت لذا يعتبر الصدق هو طوق
النجاة فى هذه المشكلة المعقدة حتى لو كان الثمن هو فقدان الرجل وفقدان الحب
فالصدق بين الحبيبن ضرورى لدوام العشرة بعد الزواج وبغير هذا يظل الحب مجرد أكذوبة
.
مــحــنــــــة الــقـــلـــــــق
القلق هو اخطر ما يهدد حريتنا فهو حاله من
التوتر تنتابنا حين ننقسم فى داخلنا وتتصارع رغباتنا إنها حالة من القلق تعم
المجتمع فالبرغم من أن الخير كثير على وجه هذه الأرض إلا أن حياتنا سلسة من
المشاكل وكل ما فى أيدينا يفقد سحره ونتشوق دائماً إلى أشياء ليست فى حوزتنا ولا
نملكها فالرغبة هى التى تصنع المشكلة وتخلق تعارض بين ما نريدة وما هو موجود
بالفعل وهذا هو سر القلق وأخطر ما فى القلق أنه مبارزه خفيه مع خصوم لا تراهم
فالقلق احساس مؤلم قد يشعر الإنسان معه بالإستحالة والتى قد يكون سببها الخوف أو
عدم الثقة والإنسان القلق هو إنسان وحيد مشغول دائماً بجمع شتات نفسه لا يعرف
الهدوء ولا الراحة ولا السكينة ولا الأمان فالقلق مرض روحانى سببه افتقاد المعنى
فى الحياه ولكى يتخلص الإنسان من القلق فهو يحتاج أن يفهم نفسه ويكتشف قدراتة وأن
يقطع حبل التصورات والخيالات التى تغذى قلقه وأن يلقى بنفسه فى تجربة جديدة دون
خوف أو تحفظ فهو بذلك يستعيد قدرته على التكيف ويسترد نفسه من جديد وتكون نهاية
القلق فمن عرف عرف نفسه عرف ربه وبالإيمان وحده تصل النفس إلى بر الأمان .
الــوهـــــم
الوهم هو ما نسبغه على الأشياء
فتعطيها قيمة وأهمية فنحبها أو نكرهها ونحن فى الحقيقة نحب ونخاف من الوهم الذى
صنعناه بأنفسنا فالحياة ليست نجاح واستقرار وراحة وأمان إنما هى إنفعال وحركة تحدث فى الداخل وتفتح
عينيك على حقائق مدهشة فالأمان والراحة والإستقرار هى أحلام الجبناء أما الحياة
الحقيقية نعمة لا يفوز بها إلا الشجاع الذى يعيش فى مجازفات دائمة ويلقى نفسه كل
يوم إلى غد مجهول ولحظة من هذه الحياة تساوى عمراً كاملاً النجاح فى الحقيقة واقع
فارغ وقد يكون الفشل أحيانا أكثر ثراءاً للعقل والنفس من النجاح
تلـخـيــص المغيرة /
نجلاء أحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق