الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

ملخص كتاب حوار مع صديقي المُلحد | مصطفى محمود



كناب: حوار مع صديقي المُلحد

لللدكتور: مصطفى محمود


يستعرض هذا الكتب الممتع حوارًا يدور بين الصديق المؤمن وصديقه المُلحد والذي لا يؤمن بوجود الله، على أساس أن هذه الأسئلة فلسفية وعميق تحتاج إلى أجوبة قاطعة ويتحدى بها الصديق المؤمن لإثبات رؤيته واعتقاده في عدم وجود الله عز وجل.

يبدأ الباب الأول بسؤال الصديق المًلحد
: إن كان الله هو الخالق فمن خلق الله ؟
فيجيب المؤمن بأن المحدود لا يستطيع إدراك اللامحدود ...
قائلا ً بأن القوانين المخلوقة لا تسير على المشرع الخالق المؤسس لها , ويضرب مثلا ً مضحك جميل وهو أن هذا السؤال أشبه بالعرائس التي تتحرك بالزنبرك وتتصور أن الإنسان الذي صنعها يتحرك مثلها بالزنبرك , فإذا قلنا لها بأنه يتحرك من تلقاء نفسه . قالت بأنه يستحيل أن يتحرك شيء من تلقاء نفسه إن كل شيء بعالمي يتحرك بالزنبرك !.

الباب الثاني:
يتسائل الصديق المُلحد: إذا كان الله قد قدّر عليّ أفعالي فلمَ يحاسبني ؟

فيجيبه المؤمن بأن أعمال البشر موجودة عند الله بعلمه النهائي ولكنها ليست مكتوبة عليهم جبرا ً ثم يضرب على هذا مثلا ً ويقول , كأنك تعلم بأن لك ولد سيقترف ذنبا ً ولكن لم تأمره بأن يقترفه وبعد حين يقترفه فعلا ً

الباب الثالث:

يسأل الملحد صاحبه قائلا ً: إن كنتم أيها المؤمنون تقولون بأن الله هو الخير وهو العادل فلمَ خلق الظلم والشرور والأمراض والزلازل والبراكين والحروب ؟
فيجيب المؤمن بأن الله لمْ يأمر بالظلم والشرور ولكنه سمح بها , لتكون للحرية إرادة فاعلة مختارة بين الصواب والخطأ, وبأن بالخطأ يعرف الصواب وبالشر يعرف الخير , وبأن طبيعة الأشياء هي الخير وأن الشرور حوادث طارئة , كالصحة التي هي أصل والمرض الذي هو عارض , واستقرار الأرض منذ خلقتها لا يقارن بالزلازل التي لا تستمر إلا ّ لثواني , وأن الشعوب تعيش بسلام لسنين وربما لقرون ثم تتحارب لسنوات.
ومن ثم يقول له بأن حتى في حدوث الشرور تأتي الخيرات, فالزلازل تعيد هيكلة القشرة الخارجية للكوكب لتمنع الكوارث العظمى , والبراكين تخرج الثروات المخبوءة وتنفس عن ضغط الكوكب فلا ينفجر.

الباب الرابع:

يسأل الملحد , وما مصير الإنسان الذي لم يصله القرآن ولم ينزل عليه كتاب ولم يأته نبي ؟ ما ذنبه ؟ وما مصيره عندكم يوم الحساب ؟ مثل أحد سكان القطبين ؟ أو أحد سكان غابات أفريقيا ؟
فيجب صاحبه المؤمن , بأن كل أمة أتى لها رسول مبلغ ومنذر مستشهدا ً بقول
الحق سبحانه وتعالى ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ) 36 النحل. وأن هناك آلافا ً من الرسل لا نعرف عنهم شيئا ً. والجميل في هذا الباب أن الرجل المؤمن يخبر صديقه بأن الله قد يوحي بالكتب وقد يوحي بالنور يلقيه في قلب العبد أو الانشراح يضعه في صدره أو الحكمة أو الفهم أو الحقيقة الذي يرشدها له ويهديه إليها. ثم يقول لصاحبه بأنه لا يدري لعل نظرة ينظر بها رجل زنجي أو من شعب الاسكيمو إلى السماء بقلب صافٍ سليم تكون كصلاة العباد طوال حياتهم. ثم يذكر قول الحق جل في علاه ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا ً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) 62 البقرة

الباب الخامس:
يقول الرجل الملحد لصاحبه المؤمن , كيف يعذبنا الله, بسبب ذنب محدود في الزمن القصير بعذاب غير محدود في الأبد ؟ ولم َ ينتقم منا كل هذا الانتقام والإنسان ليس إلا ذرة أو هباء مقارنة بالكون ؟
فيجيب المؤمن, بأننا لسنا هباء ولا ذرة بالكون بل شأننا عظيم عند الله فهو الذي نفخ فينا من روحه وأسجد لنا الملائكة وسخر لنا كل شيء وأورثنا الأرض ببرها وبحرها وسمائها وقال عنا سبحانه ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضلا ) 70 الإسراء
إننا قد نبدو كذرة بأجسادنا في الكون ولكننا نحوي الكون بفكرنا وعقولنا وأننا بالنظر إلى أرواحنا نحوي الكون كله, لذا قال المفكرون بأن الكون صفحات والإنسان هو كتابه الجامع.

الباب السادس:
يسأل الملحد , أوَليس الدين هو من يعد الطبقة الفقيرة
بالجنة والحياة بعد الموت ليرضوا بفقرهم وحياتهم البائسة تاركين الأغنياء يتمتعون بنعيمهم بحجة أنه من حقهم وأن الله خلق الناس درجات ؟ ألا يمكن ألاّ يكون قد جاء من السماء ولكنه أتى من الأرض لكي يحقق سيطرة طبقة على طبقة أخرى ؟
يجيب صاحبه بأن لو كان أفيونا ً لكان يحلل من المسؤوليات ويهرب منها , ولكنه بعكس ذلك فهو تكليف وأعباء على معتنقه أن يقوم بها, وبأنه لم يأتِ لكي يصهر الطبقات كما تفعل الاشتراكية أو ليجعل بعضها تستعبد بعضها كما تفعل الرأسمالية, بل أتى ليحقق التكامل بينها ليصبح المجتمع الإنساني متناسق مع الكون المتكامل بعضه مع بعض. فالغني عليه دفع الزكاة للفقراء وليس دفع الضريبة للدولة كما في المجتمع الرأسمالي. وهو يستطيع تكوين ثروته الخاصة ليس كما في المجتمع الاشتراكي. لذا يعيش الغني والفقير في تكامل وتساوي بالفرص. ولو كان أتى من الأرض من أجل تحقيق سيطرة طبقة على أخرى لما كان للفرد فيه كل هذا الاهتمام والاحترام, فالفرد بالإسلام يساوي الإنسانية كلها ,

الباب السابع:
قال الرجل الملحد لصديقه المؤمن , ألا ترى بأن الإسلام موقفه رجعي مع المرأة ؟ فهناك تعدد الزوجات , وبقاء المرأة في البيت ؟
فما كان من صاحبه المؤمن إلاّ أن قال له , الإسلام الذي خصصته بالاتهام دون بقية الأديان بالرجعية في معاملة المرأة في الحقيقة هو الدين الذي أنصفها, فبداية بقضية تعدد الزوجات فهو لم يشرعه إلا بشرط وهو في قوله تعالى ( وإن خفتم ألاّ تعدلوا فواحدة ) 129 النساء. فالعدل أساس في التعدد, كما أن التعدد في صالح المرأة كما هو في صالح الرجل, فهو أفضل من تعدد " العشيقات " الذي يمارس في الغرب والذي ينتج أبناء السفاح والخيانات الزوجية. أما قضية بقائهن بالبيوت فقد قال الحق ( وقرن في بيوتكن ) 33 الأحزاب. وهو موجه لأمهات المؤمنين زوجات النبي عليه الصلاة والسلام ليكن القدوة العليا لبقية المؤمنات. ومع هذا نجد المرأة في الإسلام شاركت زوجها بكفاحه وساعدته, فلقد ذهبن أمهات المؤمنين مع النبي الأكرم في غزواته وحروبه. وفي السيرة النبوية تجد المؤمنات يساعدن أخوانهم المؤمنين ويطببن جراحاتهم في الحروب. والإسلام لا يمنع المرأة التي تحتاج لأن تخرج وتعمل. ولكنه أعطاها مهمة عظيمة كمهمة الرجل ولعلها أعظم وهي تربية الإنسان وصنعه,

الباب الثامن:
قال الملحد لصاحبه , ما دليلكم على أن الإنسان له روح ؟ أي أنه ليس مجرد جسد من ذرات؟
فقال له صاحبه, لقد أثبت الله لنا الروح لأنه ذكرها في كتابه ولكنه أخبرنا بأننا لن نستطيع أن نعرف ماهيتها لأنه قال سبحانه ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلا )85 الإسراء. ولكن سأضرب لك مثلا ً بسيطا ً , وهو لو كنت راكبا ً بقطار يسير بنعومة على سكة الحديد , فما كنت لتعرف بأنه يتحرك إلا إن نظرت من خلال النافذة للعالم خارجه. وكذلك أنت لا تستطيع رؤية دوران الكوكب إلا بالقمر الصناعي الذي يطير فوقها, وهكذا الشيء لا يدرك إلا بالخروج عنه.

الباب التاسع:

قال الملحد , أنتم تتحدثون عن الضمير بتقديس كما لو أنه شيء مطلق , مع أنه صنيعة المجتمع ؟
فما كان جواب صاحبه ألا أن قال , الخطأ الأكبر في تصورك بأن الضمير صنعه المجتمع ليحمي نفسه من تصرفات الأفراد, وليس دليلا ً على كلامي هذا أكثر من أن الضمير هو شيء داخلي يرافق الإنسان منذ الطفولة وحتى المشيب, منذ الصباح حتى يضع رأسه على الوسادة. فلو كان صنيعة المجتمع لظهر في الجماعة واختفى في تفرد الشخص بنفسه, ولكنه لا يفعل. كما أنه ليس بصنيعة المجتمع لأنه دائما ً ما يحمي الفرد من ظلم المجتمع بقدر ما يحمي المجتمع من ظلم الفرد.

الباب العاشر:

قال الملحد , ألا تلاحظ أن مناسك الحج وثنية صريحة ؟ ذلك البناء الحجري الذي تسمونه الكعبة وتطوفون حوله, وحكاية السبع طوافات والسبع هرولات والسبع رجمات . وثوب الإحرام الذي تلبسونه على الجسد العاري ؟
قال له المؤمن , في قوانين المادة تعلم أن الأصغر يدور حول الأكبر, فالإلكترون يدور حول النواة, كما يدور القمر حول الأرض وهي حول الشمس والأخيرة حول المجرة التي تدور بدورها حول مجرة أكبر وهكذا إلى أن نصل للأكبر المطلق ( الصمد ) وهو الذي لا يتحرك ولا يتغير ولا يدور على شيء وهو الله سبحانه. لذا تجدنا نقول دائما ً ( الله أكبر ). وأنت الآن تطوف حول الكون مثلنا ولكنك مجبر بينما نحن أقررنا هذا الطواف وجعلناه حبا ً بالله. ونطوف حول الكعبة لأنها أول بيت وجد لعبادة الله كما اخبرنا هو سبحانه. أما عن حكاية الأرقام فكل شعوب الأرض اتفقت دون اجتماع أو تشاور أن هنالك سبعة أيام, وللطيف سبعة درجات وللسلم الموسيقي سبع درجات, والإلكترون يدور حول النواة في سبع نطاقات والجنين لا يكتمل إلا بالشهر السابع. فهل كل هذه مصادفة أم أنها طقوس وثنية أخرى ؟ أما ثوب الإحرام فهو ليخرج البشر من اختلافاتهم ويوحدهم أمام الرب, غنيهم وفقيرهم, فهي رسالة لهم بأنكم عند الرب متساوون.

الباب الحادي عشر:
في هذه المرة ابتدأ المؤمن صاحبه الملحد بالحديث , قائلا ً بأنهما تحدثا بالأمس عن القرآن وعن شكوك صاحبه بأن يكون من عند محمد عليه الصلاة والسلام. لذا سيكمل من حيث انتهيا بالأمس محدثا ً صاحبه عن اللمحات العلمية في القرآن لاستثارة عقله العلمي.
فقال له , تعلم بأن القرآن نزل قبل أكثر من 1400 سنة, ومع هذا فقد تعرض لجميع العلوم ولكن عن طريق اللمحات والإشارات التي تنير العقل.
خذ عندك مثلا ً تكوير الكوكب , أوَلم يقل الله ( يكوّر الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) 5 الزمر . وقال سبحانه ( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا ً أو نهارا ً فجعلناها حصيدا ً كأن لم تغن بالأمس ) 24 يونس. وقوله (ليلا ً أو نهارا ً) يعني أنه إن كان ليل في أحد نصفي الكوكب فهو نهار في النصف الآخر.

الباب الثاني عشر:
سأل الملحد صاحبه , تقول أن القرآن لا يناقض نفسه فما بالك في بهذه الآيات ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) 29 الكهف. والآية الأخرى التي تناقضها ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ). 30 الإنسان. أوَليس هذا بتناقض ؟
قال صاحبه , هذا دليل على الحرية, فالله يخبرنا بأن لنا الخيار بأن نكون مؤمنين أو كافرين, ولكنه يخبرنا أيضا ً أن هذه الحرية لمْ نأخذها غصبا ً من الله بل هو من أعطانا إيّاها بمشيئته, أي أن حرية العبد ضمن مشيئة الرب وليست ضدها, فهو أراد لنا أن نكون مخلوقات مفكرة تختار بنفسها الإيمان أو الكفر, فالكفر يناقض رضا الرب ولكنه لا يتحدى مشيئته.

الباب الثالث عشر:
قال الملحد, كيف تثبت لي أن الله هو من خلق الإنسان بهذا الشكل على طريقة " جلا جلا " _ يقصد بـ جلا جلا أي طريقة غير مقنعة غير عقلية وغير قابلة للتصدق _ ولمْ يأتي عن طريق التطور ؟ لم َ تريد أن توهموا البشر بأن أب الإنسان آدم وليس الشمبانزي ؟
أجابه المؤمن, نحن لا نقول أننا خلقنا على طريقة ( جلا جلا ) كما تقول ولقد ذكر لنا الله سبحانه في القرآن آيات كثيرة يخبرنا عن أطوار خلقنا ومراحله منها قوله جل وعلا ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) 12 المؤمنون. وبأنه لم يكن قبل هذا الخلق شيئا ً وقد قال الحق ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا ً مذكورا ) 21 الإنسان. وقال عن أطوار خلقنا سبحانه ( مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا ) 13-14 نوح. يا صاحبي إننا نحن المؤمنون من ننظر لنظرية التطور على أنها نظرية ( جلا جلا ) فعلم القانون يقول بأن البينة على من أدعى, فأين بينتكم ؟ أعطني طورا ً واحدا ً وحيدا ً يربط الإنسان بالشمبانزي. الدول الغربية الغنية تمتلك جامعاتها ومراكز أبحاثها الملايين وتمتلك أحدث أجهزة التنقيب والفحص والكشف ومع ذا كله لم يجدوا منذ القرن الثامن عشر حتى مستحاثة أو هيكل عظمي واحد ليثبوا به هذه النظرية.

الباب الرابع عشر:

قال الملحد لصاحبه, أخبرني لم َ ترددون هذه الكلمة ( لا إله إلا الله ) وتطبعونها على العملات وتعلقونها على الجدران وتستقبلون بها الوليد وتودعون بها الميت . لم َ كل هذا الترديد المبالغ لها ؟
قال له صاحبه, حسنا ً يا صاح فكر معي قليلا ً في هذه العبارة, فهي تحمل النفي والاستثناء, نفي وجود إله, ثم إقرار بوجود إله واحد. والإله تعني المعبود, فتكون ( لا إله ) أي لا معبود, ثم يأتي الإثبات والاستثناء وهو ( إلا ّ الله ) أي لا معبود بحق إلا ّ الله. وهنا يكمن المنهج الرباني الذي يكرم الثقلين الجن والإنس بالكرامة والحرية من عبادة آلاف بل ملايين الأشياء والتذلل والخضوع لها. فالله يخبرنا ألا ّ أحد يستحق العبادة سواه لأنه هو الإله الوحيد المتحكم بكل شيء, لذا نكتبها على العملات الذهبية والورقية كي نذكر أنفسها فلا نعبدها, ولذا نكتبها ونعلقها على جدران البيوت لنخبر أنفسنا أننا لا نعبدها, فالإنسان عادة يعبد نفسه وشهواتها,

الباب الخامس عشر:
حينها قال الملحد, حسن ٌ وما قصة ( أ. ل . م .ر) وكهيعص  و  حم  و  ألم  وق ؟ ما هذه الحروف المفصلة التي تبدأ بها
بعض سور القرآن ؟ أليست مجرد طلاسم ؟
أجاب صاحبه, حسنا ً وما قصة ط = ك * س2 ؟ أليست أيضا ً مجرد طلاسم لمن لا يعرف الرياضيات والجبر والفيزياء ؟ أخبرني ماذا عن (d.n.a) أما كانت لتكون مجرد طلاسم بلا معنى قبل 100 سنة ؟ أنت يا صديقي تحاول أن تحاكم النص القرآن وكأن الإنسان وصل إلى نهاية العلوم, وهو في الحقيقة لم يبتعد كثيرا ً في علومه عن البدايات. ولكن دعني أخبرك شيئا ً فالقرآن أتى ليتحدى العقل الكافر وليستثير العقل المؤمن, فمثلا ً أحدهم قام بتحليل سور القرآن التي تبدأ ب ( ألم ) رياضيا ً فوجد نتيجة أبهرته وهي أن ترتيب الحروف أي أ و ل و م و ر متجانس مع تكرارها في السورة. في سورة الرعد مثلا ً وجد أن حرف أ كرر 625 مرة ووجد ل تردد 479 مرة ووجد حرف م 260 ووجد حرف ر تردد137. أي أن عدد ترددها في السورة نفس ترتيبها ( أ ل م ر ) وهذا رجل آخر وقف أمام سورة ق وعد حروف القاف فيها فوجدها 57 ثم قام بقسمتها على الرقم 19 وهو عدد حروف البسملة فكان الناتج 3 وهو مجموع حروف كلمة ( لله ). وهذا آخر قام بجمع عدد حرف القاف سورة (ق) مع عدد حرف القاف في سورة (الشورى) وهي التي قبل سورة (ق) فوجدها 57 أيضا ً, ومجموع 57 + 57= 114 وهي عدد سور القرآن.

الباب السادس عشر:
قال الملحد لصاحبه, أخبرني كيف يحدث أن ربكم الرحيم الرءوف يأمر نبيه إبراهيم بقتل ابنه ؟ أين رحمته ورأفته التي تدعونها له ؟

أجابه المؤمن, حسنا ً يا صديقي القصة تدل من سياقها أن الله لمْ يريد لإبراهيم أن يذبح ولده, بدليل أن الذبح لمْ يحدث بالنهاية, ولكنه أراد لنبيه أن يذبح حبه وشغفه وتعلقه الزائد بابنه, الذي أتاه على كبر وهو في شيخوخته فشغفه وهام تعلقا ً به, والأنبياء هم قدوة البشر, وعلى النبي ألا ّ يكون قلبه متعلقا ً بشيء غير الله, لذا أتى الأمر بالذبح, وحين امتثل النبي لأمر ربه جاء الفداء من السماء. وهذه القصة تعلم المؤمنين ألا ّ يتعلقوا بشيء سوى بربهم.

الباب السابع عشر:
قال الملحد لصاحبه, اسمع إذا كانت هنالك جنة فعلا ً كما
تقول فأنا من سيدخلها, فأنا أكثر تدينا ً من كثير من أصحابكم أصحاب اللحى والمسابح !.
فقال له صاحبه, أكثر دينا ً ؟ ماذا تعني بهذا ؟
فأجابه الملحد, أعني أني لا أؤذي أحدا ً ولا أحمل الحقد ولا الحسد ولا أسرق ولا أقتل ولا أرتشي ولا أضمر سوءا ً لأحد ولا أنوي إلا الخير ولا أهدف إلا للنفع العام, أصحو وأنام بضمير مستريح, وشعاري بالحياة هو الإصلاح ما استطعت. أليس هذا هو الدين؟ ألا تقولون بأن الدين المعاملة ؟
فقال له المؤمن, يا صديقي هذا أسمه "حسن سيرة وسلوك " وهو من مقتضيات الدين ولكن ليس الدين نفسه, ليس للدين إلا معنى واحد , وهو معرفة الإله, أن تعرف إلهك حق المعرفة ويكون بينك وبين هذا الإله سلوك ومعاملة, أن تعرف إلهك عظيما ً رحيما ً قريبا ً مجيبا ً, يسمع ويرى , فتدعوه راكعا ً ساجدا ً خاشعا ً, خشوع العبد لربه.

الباب الثامن عشر والأخير:
قال الملحد لصاحبه ساخرا ً , مهما اختلفنا وتناقشنا فلا
شك أننا خرجنا نحن فائزين, فلقد كسبنا فرحة الدنيا وسعادتها, وخرجتم أنتم ببعض أوهام في رؤوسكم, فلنا السهرة والسكرة والنساء الباهرات والنعيم الباذخ واللذة التي لا يعكرها الخوف من الحرام, ولكم الصيام والقيام والتسبيح والخوف من يوم الحساب, فمن الذي ربح ؟
فأجابه الرجل المؤمن, هذا لو كان ما ربحتموه هو السعادة, ولكن لو فكرنا معا ً في هدوء لما وجدنا هذه الصورة التي وصفتها عن السكرة والسهرة والنساء الباهرات والنعيم الباذخ واللذات التي لا يعكرها خوف الحرام إلا ّ الشقاء بعينه!. سأل الملحد مستغربا ً , الشقاء ؟ كيف ؟!.
أجاب صاحبه, لأنها في حقيقتها عبودية لغرائز لا تشبع حتى تجوع, وإذا أتخمتها أصابتك بالملل والضجر. وأصابك أنت الخمول والبلادة. هل يصلح حضن امرأة أن تكون مستقر سعادة والقلوب تتقلب وتتغير والهوى لا يستقر على حال, وما قرأنا في قصص العشاق إلاّ التعاسة والحزن فإذا تزوجوا كانت التعاسة أكبر وخيبة الأمل الأشد, لأن كلا الطرفين يفقد في الآخر الكمال المعبود الذي كان يتخيله, وبعد قضاء الوطر وانطفاء الشهوة يبدأ يرى كلاهما عيوب الآخر بعدسة مكبرة. وهل الغنى الفاحش والثراء إلا نوع من العبودية حيث يصبح الإنسان خادما ً لماله لا يفكر إلا بكيفية إكثاره فيصحب خادما ً له بعد أن كانت خادمة له؟.

عمل المغيرة / شيماء يس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق